الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مما لا شك فيه أن استشراف المستقبل مهم للمتخصصين في الدراسات الإسلامية المعاصرة.
ونقصد باستشراف المستقبل: التنبؤ بالمستقبل والاستعداد له.
إن استشراف المستقبل يحتمل الصواب أو الخطأ، إلا فيما أخبر الله عنه من الأمور الغيبية في كتابه، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (لقمان / 34).
وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ سورة الحشر: الآية: (18).
ومما يدل على استشرف المستقبل في السنة النبوية، حديث حذيفة بن اليمان، قال: «كانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّا كُنَّا في جَاهِلِيَّةٍ وشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بهذا الخَيْرِ، فَهلْ بَعْدَ هذا الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلتُ: وهلْ بَعْدَ ذلكَ الشَّرِّ مِن خَيْرٍ؟ قالَ: نَعَمْ، وفيهِ دَخَنٌ، قُلتُ: وما دَخَنُهُ؟ قالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بغيرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ منهمْ وتُنْكِرُ، قُلتُ: فَهلْ بَعْدَ ذلكَ الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ إلى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَن أَجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقالَ: هُمْ مِن جِلْدَتِنَا، ويَتَكَلَّمُونَ بأَلْسِنَتِنَا، قُلتُ: فَما تَأْمُرُنِي إنْ أَدْرَكَنِي ذلكَ؟ قالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وإمَامَهُمْ، قُلتُ: فإنْ لَمْ يَكُنْ لهمْ جَمَاعَةٌ ولَا إمَامٌ؟ قالَ: فَاعْتَزِلْ تِلكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، ولو أَنْ تَعَضَّ بأَصْلِ شَجَرَةٍ، حتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وأَنْتَ علَى ذلكَ». أخرجه البخاري ومسلم.
مما يدل على أهمية استشراف المستقبل للمتخصصين بالدراسات الإسلامية:
1- إن استشرف المستقبل مهم للمتخصصين في الدراسات الإسلامية فهو يساعد على مواجهة أبرز التحديات التي تواجه الأمة أو التقليل من أخطارها، من خلال التنبؤ بالمستقبل والاستعداد له أو التقليل منه.
2- السعي إلى إيجاد حلول ممكنة للقضايا المعاصرة، أو التقليل من أخطارها.
3- حسن الظن بالله تعالى، مع أخذ الأسباب مع التعامل مع القضايا المعاصرة.
4- إن تعريف الدراسات الإسلامية للمستقبل هو محاولة كشف أو فحص مستقبلات ممكنة أو محتملة.
ولا بد من ضوابط تضبط الدراسة ومنها:
1- إخلاص النية لله عز وجل.
فلا بد من إخلاص النية لله عز وجل، فالإخلاص لله شرطاً لقبول العمل، وأن يكون هدفه الوصول إلى الحق لا اتبع الهوى.
2- أن تكون الدراسة محتملة.
فلا بد أن تكون الدراسة محتملة، وذلك من خلال فحص وتقييم المستقبلات الأكثر احتمالا للحدوث، ورسم سيناريوهات متعددة ومحتملة.
3- أن تكون الدراسة مبنية عن كثرة قراءة واطلاع.
حتى تكون هذه الدراسة ناجحة، فلا بد أن تكون مبنية عن كثرة قراءة واطلاع.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
بقلم
عبدالله حسن غزواني