في عام 2011 م تفاعلت بعض الفئات من الشعوب في البلاد العربية لتحركات غُطيت بغطاء الحرية والتغيير والتخلص من الجور والظلم ،وقتها سقطت الكثير من الأقنعة وتأزرت القلوب السوداء التي حركتها أياد خفية (فُصل عنها الحديث كثيرا) بإزار ابيض رغبة منها في الحصول على تعاطف وتأييد تلك الفئات وكان الشباب هم الأغلبية السائدة ممن تأثر بالكلمات الرنانة والشعارات المثيرة للعواطف فتغيرت بعد ذلك حكومات وقسمت مساحات وشردت أنفس ،ومع بقاء دول بمنأى عن تلك العواصف استفاد البقية ممن مرت عليهم تلك الرياح السامة من قوة هذه الدول وترابط شعوبها القوي بحكوماتها حيث ظهرت جليا نسب الارتباط بين الشعوب وقياداتها وظهرت معها حنكة بعض الحكام واستشرافهم لمستقبل بلدانهم تحت ضغط تلك الشعارات الزائفة، ومع مرور هذا الاعصار ظهرت الحاجة لاستشراف الوضع المستقبلي للدول بدراسة المستقبل السياسي والاقتصادي والاجتماعي لها مع العلم ان هناك العديد من المراكز والمعاهد الاستشرافية في الغرب والتي سبقت ذلك التاريخ بعقود ولم تركز دراساتها فقط على الداخل وانما تعدت ذلك الى استشراف مستقبل دول أخرى تحت غطاء انها دول عظمى تستشرف أوضاع دول العالم الثالث كما كانوا يطلقون على دول المنطقة ،وبما ان المملكة العربية السعودية هي القائد للعالمين الإسلامي والعربي والشقيقة الكبرى لدول المنطقة فمن الطبيعي ان الجهود الاكاديمية والدراسات تتركز فيها ومخرجاتها تؤخذ كمقياس لا سيما ان هناك الكثير من الهامات والرموز الاكاديمية والعقول المتخصصة في هذا البلد المبارك ناهيك عن العطاء السخي المقدم من حكامها للوصول بشعبها لأعلى المقاييس في الوعي والامن الفكري وهي من الدراسات المكملة للدراسات الاستشرافية و التي هي عبارة عن مجهودات علمية منظمة تستخدم قواعد واستراتيجيات تتلقى من الماضي وتستحضر الحاضر وتستشرف المستقبل وتعتمد إيجابية مخرجاتها على تحديد الاهداف حاليا ومستقبليا وهي مجهودات تميز بها نخبة من الاكاديميين في المملكة تعتمد على نظريات ومناهج ورسم للسيناريوهات المستقبلية ومن مناهج هذه الدراسات ما يطلق عليه المنهج المعياري او القياسي وهو منهج يقوم على العلوم الحديثة ومنهجيات الرياضيات والاحصاء وهو مكمل للمنهج الحدسي الذي يعتمد على القدرات الذاتية للفرد والذي يعتبر كذلك من مناهج هذه الدراسات وان كان يفتقر الى القواعد العلمية التي اتى بها المنهج المعياري وكمثال وبما ان فئة الشباب هي الهدف الأكبر لهذه الدراسات سأعود الى مخرجات هيئة الإحصاء للعام 2021 م والتي تقول ان نسبة الشباب تحت 25 سنة من السعوديين حوالي 48 % من جملة السكان أي بعد حوالي عشر سنوات من رياح ما يسمى بالربيع العربي حيث كانت اعمار هؤلاء حوالي 15سنه لم يظهر منهم خلال عشر سنوات من تأثر بأفكار هدامة او شعارات زائفة وكأن لسان الشباب في المملكة وهم الفئة التي ترتكز عليهم معظم الدراسات من الشعوب يقول لأصحاب تلك الأفكار الدخيلة ( لا يكثر) فشغلنا الشاغل النهوض بدولتنا تحت عنوان كبير وهو قوة ارتباطنا بحكامنا، كيف لا وما قُدم لنا في اكثر من عشر سنوات وبالنسب القصوى في السنوات الأخيرة فاق كل توقعات المرجفين في الخارج ناهيك عن الجهود الأمنية التي اقتلعت كل النباتات السامة من حديقة بلادنا الغناء في الداخل، فاجتماعيا التحولات في الأحوال الشخصية وبالأخص حقوق المرأة التي تعد نصف المجتمع فاقت كل التخيلات واقتصاديا حدث ولا حرج فالمملكة أصبحت وجهة كبار المستثمرين في العالم و لنا في عضوية الدول العشرين العظمى عالميا اكبر مثال واصبح اقتصادنا سلاح من اسلحتنا السياسية ومثال يقتدى به ،كل هذا اتى بفضل الله ثم بسواعد (طويق) وبالأخص عندما اعتلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان قمة هذا الجبل، شاب في سنهم أحلامه احلامهم يقودهم متسلحا بمنهج اجداده في حكم هذه البلاد المباركة والمستمد من دستور رباني وهو القرآن والسنة، ولو عدنا الى منهج الدراسات الاستشرافية المعياري فالمخرجات يجب ان تكون ايجابيه وهنيئا كذلك لمن سيتبع منهج الحدس في هذه الدراسة بنظرته المستقبلية الثاقبة، وأقول لرموز وهامات الدراسات الاستشرافية في المملكة (ارقدوا وآمنوا ) ونتمنى منكم وممن نفعهم الله بعلمكم ان تصوبوا أسهم دراساتكم لدراسة واستشراف مستقبل دول انشأت المراكز والمعاهد لدراسة واستشراف مستقبلنا وخرجوا بهرطقات لا معنى لها ولم تجد لها سبيل في ارض الواقع فهم ليسوا بمنأى عن التغيير كما يعتقدون فنسيجهم الداخلي اوهن من نسيج العنكبوت وعقولكم ليست باقل حدسا وقراءة للمعطيات وتحليل للظواهر من عقولهم فقد آن الأوان لاستشراف مستقبلهم كما استشرفونا شأننا شأنهم كدولة في مصاف الدول العظمى.
بقلم
طارق زياد الفيصل