سِتٌّ مِنْ شَوَّالٍ

تابعوا البيان نيوز على

اِغْتَنِمْ ، اِنْتَهِزْ ، اِسْتَغِل ، لا تُفَوِّت ، عرضٌ غَالِبٌ على كُلِّ العُروضِ ، لا تُضَيِّع فُرصةَ العمرِ ؛ فقد لا تُدركْهُ مَرةً أُخْرَى .

الْعَرضُ هُو : صومُ ستةِ أيَّامٍ فقط مِنْ شوَّالٍ .
ما الفَائدةُ مِنْهُ ؟
وما مقابل ذلك ؟
وما جزاءُ من يفعلُ ذلك ؟

المكسبُ مَضْمُونٌ ومضاعفٌ ؛ تكسبُ مِن صِيامِها أجرَ صيامِ عامِ كاملٍ !
يا لها مِن تجارةٍ رابحةٍ ، تزيدُ رصيدُ حسناتِك ، تعلو منزلتك ، يكافِئُكَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى بِما لا عينٌ رأتْ ، ولا أذنٌ سِمعتْ ، ولا خَطَرَ على قلبِ بشر .

يُخَصِّصُ اللهُ لك بابًا في الجنَّة اسمهُ الريَّان ، لا يدخلُهُ إلا الصَّائمون ؛ تخصيصًا وتكريمًا وتشريفًا لهم ، وإعلاءً لمنزلتِهم ، وتَمييزًا لهم على غَيرِهم ؛ لأنَّهم حَرَمُوا أنْفُسَهم الطَّعامَ والشَّرابَ والشَّهوةَ ؛ ابتغاء وجهه ؛ فكافأهم اللهُ سُبحانَهُ وتعالَى مِن واسِعِ عَطائِه ، وفضَّلَهم على غيرِهم .

عَنْ سَهْلِ بنِ سَعدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له: الرَّيَّانُ ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ ، لا يَدْخُلُ مِنهُ أحَدٌ غَيْرُهُمْ ، يُقَالُ : أيْنَ الصَّائِمُونَ ؟ فَيَقُومُونَ ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنهُ أحَدٌ ) رواه البخاري في صحيحه

فكُلَّمَا زادتْ أعمالُكَ الخالصةَ لوجهِهِ الكريم ، كلما كانت لك رفعةٌ ومنزلة ودرجاتٌ عاليةْ ، ومقامٌ ومكانةٌ وشأنٌ عظيم .

قالَ اللهُ تعالى : ( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللهِ لَا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعَادَ (٢٠) سورة الزمر

يا لها مِنْ فُرصةٍ عظيمةٍ ، فرصةٍ ذهبيةٍ ، فرصةٍ غانيةٍ مغنيةٍ ، فرصةٍ تَليَّةٍ وافيةٍ ، مكسبٌ يفوقُ كُلَّ المكاسبِ ، رصيدٌ دائمٌ يزيدُ ولا ينقُص ، فما عندَكُم يَنْفَد ، وما عِنْدَ اللهِ باقٍ .

عَنْ أبي أيوبٍ الأنصاريِّ رضيَ اللهُ عنهُ ، أَنَّ رسولَ الله ﷺ قَالَ : ( مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ ) رواه مسلم في صحيحه

لقد حثَّ النبيُّ ﷺ على صيامِ سِتٍّ مِن شوَّال ، وما حثَّ ﷺ علَى شَيْءٍ إلَّا وكانَ فيهِ الفوزُ والنَّجاحُ والفلاح .

لقد جَلَأَ ﷺ لَنَا أمرًا في غايةِ الأهمية ؛ لكيْ نسعدَ في حياتِنا الدنيويةِ والأخرويةِ ، فقال : ( مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ ) .

أيْ أنَّ مَن صامَ شَهرَ رَمضانَ كاملًا ، ثُمَّ صامَ بعْدَهُ ستَّةَ أيَّامٍ مِن شوَّالٍ ، سواءً مُتتالياتٍ أو مُتفرِّقاتٍ ، كانَ لَهُ مِنَ الأَجرِ ما يُعادِلُ صِيامَ العامِ كلِّه ، وهذا مِن فَضلِ اللهِ وكرمه عَلى عِبادِه .

فشَهرُ رَمضانَ بمَنزلةِ عَشرةِ أَشهُرٍ ، وصِيامُ ستَّةِ أيَّامٍ من شوالٍ بمنزلة الشهريْنِ ، فمن صامَ السِّتَّ فكأنَّهُ قد أتمَّ صيامَ السَّنةِ كاملةً .

وَلمْ يجعلِ اللهُ سبحانَهُ تعالى نهايةً لطاعةِ العبد ، إلا إذا آنتْ منيِّتُه وحانَ أجلُه ، وفي هذا تتجلَّى الغايةُ التي خُلقِنا مِن أجلِها ، قالَ اللهُ تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون (٥٦) سورة الذاريات
وقالَ تعالى : ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِين (٩٩) سورة الحجر

فلنسارعْ إلى الأعمالِ الصَّالحةِ ؛ لأنَّ العمرَ قصيرٌ ، والأجلُ قريبٌ ، والدُّنيا لا تدومُ لأحدٍ .

قالَ اللهُ تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) سورة آل عمران

فَيَا أخي المسلمَ في كلِّ مكانٍ ، بادِرْ بصيامٍ السِّتِّ ، وأكثر مِنَ الأعمالِ الصَّالحةِ ، واعمل كُلَّ ما يُحبِّهُ اللهُ سبحانَهُ وتعالى ، واجتنبْ كُلَّ ما يُبْغِضُهُ ويُغْضِبُهُ ؛ لتفوزَ بِرضاهُ ومغفرتِهِ ودخولِ جنةٍ عرضُها السماواتِ والأرض ، وَمَنْ يدخلِ الْجنَّةَ فَقَدْ ظَفِر ، وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ .

* المرجع :
– موقع الدرر السنية للموسوعة الحديثية والفقهية .

بقلم أ. مهدي جدُّه حكمي