بدء أولى الجلسات العلمية المشتركة السعودية المغربية حول “الجهود العلمية المعاصرة في مدافعة الغلو وتحقيق الوسطية “
الرباط | الاعلام والاتصال
انطلقت اليوم الخميس الثامن والعشرين من شهر شوال للعام ١٤٤٤ هـ بمدينة الدار البيضاء بالمملكة المغربية أولى جلسات الندوة العلمية المشتركة المغربية السعودية حول “الجهود العلمية المعاصرة لمدافعة الغلو وتحقيق الوسطية “، التي تنظمها الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى في المملكة المغربية ،وذلك في مركز المركب الثقافي بالدار البيضاء بمشاركة علماء ومفكرين وأكاديميين بالمملكتين ضمن برنامج الندوة التي تستمر لمدة يومين.
وتطرق المحور الأول للجلسة العلمية تحت عنوان :(الوسطية في الكتاب والسنة) ، والذي طرحه الأستاذ الدكتور محمد بن فهد الفريح أستاذ الفقه في المعهد العالي للقضاء بجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية : أكد أن التواصل بين أطراف العالم الإسلامي وقلبه والتأثير المتبادل بينهما خدم الإسلام كثيرا، معتبراً أن العالم كله بحاحة إلى وسطية الإسلام، الذي وعد الأمة بالخيرية، وخيرية هذه الأمة تكمن في الجمع بين الصلاح والإصلاح.
وأضاف ” الفريح ” أن الواجب على العلماء توضيح معالم الوسطية، وإبراز سماتها حتى يكون الطريق مشرقا، والسبيل واضحا، والمنهج جليا، وبيان المقصود بالوسطية في ضوء الكتاب والسنة موضوع له أهميته، خاصة في زماننا هذا الذي اختلط فيه الحابل بالنابل، وأصبح أقوام يدعون الوسطية تحققا لأهوائهم، وتمريرا لمعتقداتهم.
وذكر أن الوسطية شرعا لها أربعة معان، كلها حق: الأول: التمسك بما في الكتاب والسنة، والثاني: العمل بما عليه صحابة رسول الله، الثالث: التمسك بالجماعة الشرعية، الرابع: التوسط بين طرفين يبتعد كل طرف منهما عن الحق ذات اليمين أو ذات الشمال، فلا غلو ولا إجحاف ولا إفراط ولا تفريط.
فيما شارك بالمحور الأول للجلسة العلمية الأولى الأستاذ الدكتور سليمان بن سليم الرحيلي أستاذ الفقه بالجامعة الإسلامية والمدرس بالمسجد النبوي الشريف أنه لا أشك من أن كل فقيه أو عالم إلا ويعرف فضل الوسطية من خلال ما جاء به شرعنا وديننا، والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ جعل لنا قاعدة فقال: إياكم والغلو في الدين، موضحاً أن حسن القصد لا يشفع للقاصد إن لم يكن على سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال بأن لصوت العلماء عال في التحذير من الغلو.
أما المحور الثاني المعنون بـ:(نقد مفردات التطرف في مجال العقيدة)، الأستاذ مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي المحلي بالمغرب قال : أن الوعي الجيد بما تمر به الأمة الإسلامية من بروز موجات من التطرف والغلو، يستحث العلماء حاليا على أن يعكفوا على قضيتى التكفير والغلو فيدرسوها دراسة علمية فيحللوا المنظومة الفكرية الكامنة وراء التكفير والباعثة عليه، لأن التكفير أورث المشروع الإسلامي صورة شائهة ومخيفة، فصار مصطلح الإسلاموفوبيا مصطلحاً متداولاً ووجهًا شائعاً أجهز على كثير مما راكمه عمل العلماء والدعاة.
أما المحور الثالث المتعلق بـ:(بناء الشريعة على الوسطية ونقد الغلو في مجال الفقه) ، فقد عرف مداخله كل من الأستاذ محمد الروكي والأستاذ الحسين مفراح، حيث اعتبر الأستاذ محمد الروكي عضو المجلس العلمي الأعلى بالمغرب أن من أقوى أسباب حفظة الشريعة الإسلامية: خصائصها وتسامحها، وأن العقيدة مبنية على نصوص صحيحة، ومفهومة للعموم، ومناسبة للفطرة.
وذكر أن الوسطية حاضرة في العبادات، لأنها في كل تكاليفها مراعية لكل المكلفين، وتتجلى الوسطية في العلاقات بين المسلمين فيما بينهم وبين غيرهم، ويطلق عليها التسامح، بمعنى مقابلة الكرم بالكرم.
أما مداخلة الأستاذ الحسين مفراح عضو المجلس العلمي الأعلى بالمغرب فقد بينت أن الإسلام بصفة عامة يتأسس على مبدأ الوسطية ونبذ العنف، وهذا لا يحتاج للاستدلال لكونه متواترا، مضيفاً وأن تجليات بناء الشريعة على الوسطية تبرز في أربعة مستويات “الأحاديث النبوية وآثار صحابية التي تؤصل لهذا المبدأ في مجال التشريع و مستوى الاتباع، ومستوى التنزيل أو الفتوى ومستوى التطبيق.
أما المحور الأخير في الجلسة العلمية الأولى والمتعلق بالتزكية والتربية ودورها في تهذيب نوازع الغلو والتشدد، فقد بسطه بالبيان والتحليل الأستاذ عبد الله بلمدني عضو المجلس العلمي المحلي ببني ملال الذي ذكر بأن التزكية هي روح هذا الدين وهي القوة الذاتية التي تتوفر في المتصل لكي يظهر أثرها في المنفصل، لافتاً إلى أن هذه الندوة تعالج جناحين للدعوة الإسلامية: الجناح الأول: هو جناح الوسطية، والجناح الثاني: جناح التزكية، لأن الدعوة لا يمكنها أن تحلق إلا بهذين الجناحين.
وأما مدخلة الأستاذ محمد بنكيران عضو المجلس العلمي المحلي بالعرائش فقد رأت أن أقبح ما في الغلو أن يتجاوز دائرة السلوك إلى دائرة الاعتقاد. وأن الغلو في الدين، والميل عن الاعتدال والمنهج السليم، نزوع يأباه الشرع الحنيف، ويرفضه العقل الحصيف، لأنه مسلك ينافي الذوق والفطرة، ويؤثر سلبا في العلاقة بالدين والحياة والمجتمع. والغلو في الدين قد يصدر عن شخص بحسن النية، ولكن الشريعة لا تعتبر ذلك.
واعتبر الأستاذ أن صاحب الغلو دأبه الإنكار والإعراض وتوجيه التهم في كل الاتجاهات وسبب ذلك النظر إلى الناس بعين النقص واعتقاد الحكم عليه بالتكفير وما فيه معناه ولعلاج آفات الغلو والتشدد لا بد من الحث على التفكير وحمل النفس على المطلوب لا على المرغوب. كما يجب تصحيح الأفكار حول الوجود ومكوناته.