بقلم : محمد الرياني
صحوتُ كئيبًا، داهمني شعورٌ رماديٌّ قاتم، حالةٌ من اللاوعي وغثيانٌ غيرُ مسبوق، درجةُ اللاتوازنِ تبدو عالية، فتحتُ الشباكَ لأرى العالمَ كيف يبدو في الصباح؟ هل يستحقُّ العالمُ مني كلَّ هذا الشعورِ المقيت ، أخذتُ نفَسًا عميقًا كي أطردَ الأشياءَ المختبئةَ داخلي والتي تشبهُ لهثَ المشردين الباحثبن عن مأوى أو ملاذًا للسرقةِ أو السكنى، رأيتُ العجب! رأيتُ أسرابَ الطيورِ تصطفُّ على جدارٍ طويلٍ مع امتدادِ الطريق، تمنيتُ أن أكونَ عصفورًا صغيرًا يغردُ في الصباحِ، منظرُ العصافيرِ المبهجِ جعلني أتنفسُ وأشاركهم الفرحة ، ليس وحدَها العصافيرُ التي كانت سعيدةً مع بزوغِ الشمس، هناك على حبْلٍ ممدودٍ لونهُ يشبهُ لونَ الشمسِ تصطفُّ عليه ملابسُ ملونةٌ لأطفال صغار، يبدو أن الجيرانَ تركوها من لليلِ كي تأتي الشمسُ بعده لتتبخرَ عليها الأحلامُ القادمةُ من البيوتِ القريبة، قلتُ لنفسي، يبدو أن الأحلامَ كانت رائعة، لونُ الملابسِ بدا أكثرَ جمالًا وروعة، لِمَ أنا مكتئبٌ في هذا الصباح، هممتُ أن أخرجَ إلى الساحة، أو أن أقفزَ من الشباكِ باتجاهِ أرديةِ الأطفال، أحسستُ بشعورِ الكآبةِ وهو يلفظُ أنفاسَه الأخيرة، تنفستُ بأعمقِ أعماقي، زفرتُ زفرةً هائلةً لدرجةٍ شعرتُ معها أن العصافيرَ ستنفرُ مسرعةً من هولِ زفراتي، وأنَّ ملابسَ الأطفالِ على الحبلِ ستُقتلعُ نحوَ أصحابها، كلُّ تلك التفاصيلِ حضرتْ لأنني عندما وضعتُ رأسي على الوسادة ، غرفتي كانت كئيبة ، نمتُ بملابس النهارِ ، لم أ رتدِ ملابسَ النومِ كالعادة، لم أنظفْ أسناني قبلَ النوم، ولم آخذ أنفاسًا عميقة، كذلك لم أبتسمْ أيضًا لجدرانِ الغرفةِ كي أشعرَ بالأمان ، العصافيرُ الصغيرةُ والملابسُ الملونةُ علمتني درسًا في أن أعيشَ الحياةَ بفرحٍ وسلام، أغمضتُ عيني بعد كل هذا لأملأهما بالسعادة ، أغلقتُ الشباكَ من جديد ، بقيَ صوتُ العصافيرِ يرددُ على مسامعي لحنَ الحياة.