بقلم: الكاتب ناصر الأنصاري
الصداقة الحقيقية هي نعمة عظيمة في حياة الإنسان. إنها علاقة تجمع بين القلوب والأرواح، وتتسم بالمحبة والإخلاص والتضحية. وفي الإسلام، تُعَدُّ الصداقة الصالحة من القيم العظيمة التي تحث عليها القرآن الكريم والسنة النبوية.
يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا” (الفرقان: 27). هذه الآية تشير إلى أهمية اختيار الأصدقاء الصالحين والالتصاق بهم، حيث يمكن للصداقة الحقيقية أن تكون وسيلة للنجاة في الآخرة. فعندما يعض الظالم على يديه في يوم القيامة، يتمنى أن يكون قد اتخذ صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم سبيلاً.
وفي الحديث الشريف، قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل” (أبو داود). بهذا الحديث النبوي الشريف، يؤكد النبي على أهمية اختيار الأصدقاء المؤمنين والمتقين، فإن صديق الإنسان يؤثر عليه في دينه وسلوكه ومستوى تقواه.
يعتبر العديد من العلماء والحكماء الصداقة الحقيقية أساسًا لحياة مستقرة وسعيدة. فقد قال الإمام الغزالي: “إنّ الصّداقة هي العيشة التي يستمدّ منها الإنسان دفء حياته، ومنها يقوى جوهره ومنهياة يحصل على القوة الروحية والدعم النفسي”. وبناءً على قوله، يتضح أن الصداقة الحقيقية لها تأثير كبير على جودة حياتنا وسعادتنا العامة.
تعتبر الصداقة الحقيقية موردًا للسعادة والطمأنينة. فعندما يكون لدينا أصدقاء صالحون ومخلصون، نجد الدعم والتشجيع في الأوقات الصعبة والأحداث السارة. كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ” (البلد: 17-18). هذه الآية تشير إلى التعاون والتواصل الحسن بين المؤمنين، وذلك يشمل الصداقة الصالحة.
الصداقة الحقيقية تحثنا على الاقتداء بالقدوة الحسنة. عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: “مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحِدَّك وإما أن تبتاع منه، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا طيبة” (البخاري). هذا الحديث يعلمنا أن صحبة الأصدقاء الصالحين تؤثر علينا بشكل إيجابي وتزيدنا من الخير والصلاح، في حين أن صحبة الأشرار والأشخاص السيئين تؤثر سلبًا على حياتنا وأخلاقنا.
في النهاية، يجب علينا أن نحافظ على الصداقات الحقيقية ونختار صحبة الأشخاص الصالحين، فالصداقة الصالحة تعطينا القوة والدعم وتساعدنا على النمو الالروحي والازدهار. ولننتبه لقول الله تعالى في القرآن الكريم: “يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ” (الشعراء: 88-89). هذه الآية تشير إلى أن الأشخاص الذين يأتون إلى الله بقلوب سليمة،هم الذين يكون لهم النجاح والفوز في الدنيا والآخرة.
لذا، دعونا نعمل على تكوين صداقات صالحة ونتأثر بكلمات الله وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء، ونحرص على بناء صداقات مؤمنة تنمو معنا وتؤثر في حياتنا بشكل إيجابي. فإن الصداقة الحقيقية هي أحد أسس السعادة والرضا في هذه الحياة وفي الآخرة