الكاتب : ناصر الأنصاري- الهند
السعادة هي الهدف النبيل الذي يسعى إليه الإنسان في حياته، وتتجلى أهميتها في أنها تمثل قوة دافعة تجعلنا نبحث عن الفرح والسرور في كل جوانب حياتنا.في الإسلام، فهي الغاية التي يسعى إليها الكثيرون بأشكال مختلفة ، تُعتبر السعادة هدفًا يسعى الإنسان المسلم لتحقيقه، وتتجلى في تحقيق الرضا والسكينة بقرب الله تعالى واتباع السُنن النبوية.
تتمحور السعادة الإسلامية حول تحقيق القرب إلى الله واتباع الطريق الشرعي الذي رسمه النبي محمد صلى الله عليه وسلم. تكمن أسس السعادة في الإيمان الصادق والتقوى، والإكثار من الأعمال الصالحة والتعاطف مع الآخرين ومساعدتهم في الأوقات الصعبة. من منظور إسلامي، يُفضل أن نعيد النظر في أولوياتنا ونركز على الجوانب الروحية والمعنوية في حياتنا. ينصح بأن نكون شاكرين لنعم الله ونقدر ما لدينا، وأن نحافظ على قلوبنا نقية من الحسد والكراهية. يُشجع أيضًا على التواصل الاجتماعي الإيجابي وبناء العلاقات الطيبة مع الأسرة والأصدقاء. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “من عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينه حياةً طيبةً” (النحل: 97). يظهر هنا أن السعادة في الإسلام مرتبطة بفعل الخير والإيمان.
القناعة هي من أهم العوامل التي تساهم في تحقيق السعادة الدائمة. عندما نكون راضين بما قسمه الله لنا، نجد السعادة والراحة النفسية. ينبغي أن نتذكر أن الله هو الرازق والمُعطي، وسيمنحنا ما يلائمنا في الوقت المناسب من القناعة والتوازن: يعلمنا الإسلام أن القناعة بالقليل وعدم التطلع إلى الزيادة المادية يجعل الإنسان أكثر راحة وسعادة. يقول الله تعالى: “وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ” (التغابن: 15). يشجع الإسلام على التوازن في الحياة والتفكير بأن الدنيا مجرد ابتلاء وأن الأجر الحقيقي في الآخرة.
كما يقول الشافعي رحمه الله :
رَأيْتُ القنَاعَة َ رَأْسَ الغنَى
فصِرتُ بأَذْيَالِهَا مُمْتَسِكْ
فلا ذا يراني على بابهِ
وَلا ذا يَرَاني بهِ مُنْهمِكْ
فصرتُ غَنِيّاً بِلا دِرْهَم
أمرُّ على النَّاسِ شبهَ الملك
هناك أيضًا فكرة في الإسلام بأن الحياة دار ابتلاء وامتحان، وأن الصبر والتفاؤل في ظل الصعاب يجلبان السعادة. فالاعتماد على الله والثقة في قدرته وحكمته يمنح الإنسان طمأنينة وراحة البال في مواجهة تحديات الحياة فيما يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حال المؤمن السعيد : “عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له
من المهم أن نذكر أن الإسلام يحث المسلمين على مساعدة الآخرين وتقديم الخدمة للمجتمع. إن العمل الخيري والتطوع يجلبان السعادة للنفس وتحسين الحالة المعنوية. بالمشاركة في الأعمال الخيرية، يكون المسلم قريبًا من رضا الله ويشعر بالفخر والسرور لما يقدمه للآخرين.
يُظهر الإسلام أن السعادة في الحياة تتجلى من خلال الارتقاء الروحي والاجتماعي والمعنوي. عندما يمشي المسلم على طريق الإيمان والتقوى، يصبح أكثر قدرة على تجاوز الصعاب وتحقيق السعادة الحقيقية التي تدوم في الدنيا.