اجتماعيةالمقالات

القراءة …والكتب

عدد المشاهدات 2704

المغرب بقلم: أالدولة بيروكي

يقول العقاد :” لست أهوى القراءة لأكبر ولاأهوى القراءة لأزداد عمرا في تقدير الحساب،بل أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا،وحياة واحدة لاتكفيني “،كما كتب العقاد عن تجربته في القراءة،فقد كانت سبيل كل الأدباء والعظماء نحو تسلق قمم العلم،وفي المقابل نجد الإنسان أصبح ينفر منها،بدواعي ودوافع لا تمت للغاية التي تسعى بها الإنسانية وهي المعرفة والنهضة.

ولو نظرنا إلى تجارب العلماء والأدباء في كيفية القراءة،لرأينا إختلافا عظيما،إلا أنه إجتمع على التمسك بالكتب كدليل نحو إكتشاف ذاتهم وطريق تفتح بها أبواب الثقافة أمامهم.
جميع الأدباء،حملو الكتاب ،كما حملو أحلاهم ،بحب وشغف .
فقد روي عن أبوبكر الرازي أنه كان في كل مساء يضع سراجه في مشكاة حائط يواجهه وينام في فراشه على ظهره ممسكا بالكتاب،حتى إذا غلب عليه النوم،وهو يقرأ سقط الكتاب على وجهه ليوقظه حتى يكمل قرائته.

وأما الفيلسوف برناردشو والذي عان من الحرمان من التمدرس، فكان دافعا له كبيرةللقراءة حتى يعوض هذا النقص،وكان يحتفظ في الكتاب بيدهه،حتى وهو يغير ملابسه.
وأما فيلسوف العرب إبن رشد فعكف على القراءة والكتابة ،إذ يروى عنه أنه لم ينقطع عن القراءة إلا في ليلتين ،إحداهما يوم وفاة والده،والثانية ليلة جوازه.

ولقد كان الإغريق يستعملون القراءة للعلاج،حتى كتبو على كبرى مكتباتهم”هذا مكان لشفاء الروح”،وإستمر التداوي بالقراءة فبعد الحرب العالمية الثانية،إستعملت كدروس أدبية تعطى للمجروحين والسجناء.

ولهذا فليس للقراءة طقوس معينة،تختبئ من ورائها،بل بالعكس القراءةهي فعل يقودنا نحو الإمتلاء الفكري والثقافي والإنساني.

ولقد تنوعت مصادر القراءة،بفعل الثورة التقنية التي شهدها العصر،وبدأ الإهتمام بها يقل وكان لعامل عصر السرعة دور في ذلك.

فبالرغم من إنتاج الكتاب الإلكتروني ،والذي بدأت بداياته في أوائل التسعينات،والذي عرفته إحدى دور النشر الإلكترونية على موقعها؛”بأنه أسلوب لقراءة الكتب والسجلات على شاشة الكمبيوتر بطريقة مذهلة ومريحة للقارئ”،وتكمن هذا الراحة،في سرعة تفحص الكتاب والإنتقال السلس بين محتواياته التي يقدمها،كما في خدمة العثور على الكتب عبر العالم ،عبر التحميل السريع،وفي المقابل نجد تخوفا من لدن نقاد الكتب الإلكترونية ،حول ماهية إندثار الكتاب الورقي،هذا الأخير الذي يعرف ولازال يعرف إهتماما لاينازعه عليه أحد،فقد وصفه عميد الأدب طه حسين “بزاد الشعب” لما يحويه من تجارب ٱلاف السنين لمختلف الثقافات،والتجارب الإنسانية،وعمق صلته بالإنسان،والتي تناقلتها الأجيال،فهو الذي قيد به العلم ،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم؛”قيدو العلم بالكتابة”.

والقارئ الحقيقي لايختار طريقة قرائته،بل هي التي تختاره،إنه يراى أمورا يعينها قد حدثت في زمن ومكان ما،يبحث عن منافذ العلم،ويتتبع طريق الزاد،ليستنتج منها مايعينه على ركوب أمواج تجاربه في الحياة،وما الدافع الأقوى للكتب هوجعلها مفتاح للذهن،تعينه على إكتشاف الحقائق والمعارف بنفسه.

علينا أن ندرك أنه بالرغم من تنوع أشكال القراء،ومصادرها فإننا بحاجة إلى الإحساس أكثر بأهمية الكتب،وتذوقها والدخول في حياتها،وإستشعار جماليتها،والروح التي ستفصلنا عن الظلام وعن الجهل وتقودنا نحو النور والحياة التي سنعيشها بسعادة حتى وإن كثرت المحن وتفاقمت الأزمات،ففيها يقتذي الإنسان طريق الحق،يقول الفيلسوف الألماني شوبنهاور ؛”لم يمر بي أي محنة لم تخفها ساعة أقضيها في القراءة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com