اجتماعيةالمقالات

كيف يكون المثقف ، مثقفا عربيا

عدد المشاهدات 2608

لم تفرز الخطابات الداعية إلى الإنفتاح اللامحدود رؤى موضوعية دلالية،بل إكتفت بدعوات للتيارات الليبيرالية والإشتراكية في العالم العربي للإنفتاح المنبطح نحو الثقافة الغربية.
إذا كان الغرب يمثل خلفية معرفية وحضارية للمثقفين الجدد،للبحث عن إمكانيات التجديد في الفكر العربي_على حساب الثقافة العربية_الغربية.

إن المثقف العربي سيدخل في إشكالية ضدية هي التقليد والتجديد،والتقليد هنا يعني إكتشاف الأخر دون النقد الذاتي،وإلغاء للهوية العربية لإستعارة هوية أخرى،أما التجديد فيعني غياب المعرفة والحركة الإنتاجية.
وحتى لايتناقض هذا الإنتماءالعربي وهذا الإكتشاف للغرب،فالمثقف يجب أن يعود ليعطي للذات العربية فرصة تطوير إمكانياتها،نحو الحفاض على الأصالة،حيث تصبح الثقافة العربية نظاما دلاليا يحدد هوية المجتمع العربي في أصالته،تضفي على الخطاب الثقافي دلالة عربية أصلية تعتمد على معرفة،تقنعه بأن الثقافة الغربية أصبحت علامة منهجية ومعرفية تمكن المثقف من المعرفة وتساعده على تحليلي الذات.
بهذه القابلية في تلقي الغرب،سيكون إنتاج معنى التأصيل قريبا من رؤية العالم،من زاوية إختزال كل الفروق بين النحن والٱخر،وهذا مشروط بتأصيل مقايسة بين المجتمع العربي والمجتمع الغربي ،في سياق منظم يؤمن بوجود حضارة عربية من جهة،وحضارة أخرى غربية لها تميزها_أيضا_من جهة أخرى، شريطة تمسك المثقف بإنتماءه الحقيقي الذي يقيه كل تبعية عمياء لهذا الغرب،ويخفف من الدهشة التي أخذت بلبه وهو يكتشف الغرب،بكل فنونه ومظاهره،الموسيقى،والفنون،المسرح،والفلسفة،ولم يغب عن هذه الدهشة تمسكه القوي بإحساسه الحضاري المتأصل في الإنسان العربي منذ القدم.
من هنا كانت أطروحة مالك عبد نبي لتأكيد حقيقة جوهرية وهي أن كل مجتمع بحاجة إلى تكوين فهم مستقل وخاص به لطبيعة مشكلته الثقافية، أو فكرته عن الثقافة بصورة عامة، وذلك بحسب مرحلته التاريخية،بالشكل الذي يمنع إستيرادها من الخارج،يقول:
“وهذا يعني أن ما يصلح لمجتمع معين في مرحلة معينة من تاريخه، قد تنعدم فائدته تماماً بالنسبة له “.
لقد أهل هذ التباين،للكشف عن دور المثقف الريادي لقيادة المجتمع في العالم العربي وذلك ببث الأفكار في المجتمع ، بعد أن يعي مكانه في هذا العالم والعوامل والمتغيرات التي تلعب دوراً في التأثير على المجتمع من تراث هذا المجتمع التاريخي السحيق ، إلى أدق تفاصيل الحياة التي يعيشها مجتمعة بدراسة علمية شاملة ومتخصصة في كل المجالات الإجتماعية والنفسية والإقتصادية والسياسية والأدبية تؤثر في هذا المجتمع ، هذا الفهم وهذه المعرفة تجعله يمتلك الوسيلة الناجعة التي يستطيع من خلالها تطوير هذا المجتمع وتنويره .
إن إنسلاخ المثقف عن أصله العربي،ماهو إلاهوان وخضوع لعقدة النقص التي يعاني منها أمام جبروت هذا الغرب،بهذا العمق من محاولات الإستعارة الغربية تبرز الدعوة للوقوف على عمق المشروع الثقافي العربي والدعوة إلى الحفاظ على تراثه العربي،والإستلهام من هويته التاريخية الخاصة وإستحضارها أثناء إعادة إنتاجها وفق ماتتطلبه ضرورة التطور والنمو والتقدم،دون تجريدها من أصلها العربي.

بقلم ا. الدولة بيروكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com