قد يُحلُّ ( عقد النكاح ) بلفظ صريح أو كناية مع النية فيحدث وقتها الطلاق ، ويقع الانفصال ، ويتعذّر الاستمرار في العلاقة الزوجية ، فتتحوّل حينها المسميات المجتمعية من ( زوج – زوجة ) إلى ( مطلق – مطلقة ) ويتبدّل المسكن ، وتتغير طريقة الحياة والمعيشة بسبب انتهاء العلاقة الزوجية ، ولن اذكر في هذه العجالة تأثيرات الطلاق والتفكك الأُسري والعواقب الوخيمة له ، ولا عن الطريقة المُثلى للعمل على تجفيف منابع الفراغ العاطفي للأبناء والاغتراب النفسي لهم .
ولكن سأتحدّثُ اختصارًا عن ( العلاقة الأسرية ) التي لا تنتهي بحصول الطلاق والانفصال ، ولا تتبدل فيها المسميات ، فما زلتم ( أبوين ) رغم انتهاء مسمى ( زوجين ) ولهذه العلاقة حقوق وواجبات ينبغي أن تُراعى وتحترم وتقدس انطلاقاً من قوله تعالى ( وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) حتى ينشأ الأبناء في كنف الأمان الأسري ، واحضان الاستقرار النفسي ، وتستمر ممارسات ( الأمومة والأبوة ) الهادئة في صورة تكاملية متجانسة في مواجهة تحديات التربية ( وإرغام أنف الطلاق ) عندما يكون الأبناء هم المستهدفين ، وذلك باستمرار العلاقة المثالية بعيداً عن الانشقاق العاطفي وبمنأى عن الانفصال الوجداني ، حيثُ يترتب على الأب أن يكون في مشهد رائع عند وجود أبنائه لديه ، فعليه أن يحترم أمهم في غيابها ويحثهم على برها والإحسان إليها والاستماع إلى توجيهاتها ويذكر محاسنها لديهم ويقوي علاقتهم بها ويخبرهم ( عملياً ) بأنه حدث الانفصال كزوجين ولكن نبقى لكم أبوين ، وفي المقابل على الأم أن تكون في موقفٍ رائع عند وجود أبنائها لديها ، تربطهم بوالدهم وتقوي علاقتهم به وتوضح لهم أنه مصدر قوتهم بعد الله وسندهم ومستشارهم وتذكر محاسنه ، وتحسن الصورة الذهنية لديهم وتوضح لهم ( إجرائيًا ) أن العلاقة الزوجية انتهت لكن العلاقة الأبوية تبقى وتستمر من أجل أن يكون لدى الأبناء مصدر أبوي آمن وصحة نفسية جيدة تساعدهم على التغلب على مشكلات الحياة وأزمات الطلاق ودروبه المظلمة .
وختامًا فمن الواجب على الأبوين أن يكونا ودودين مع الأبناء وعدم إدخالهم في تصفية حسابات الطلاق وأن يكونوا بمنأى عن تبعاته ، وعدم اقحامهم كوسيلة ضغط يستخدمها أحد الطرفين من أجل تحقيق مصالح شخصية أو اسقاط حقوق نظامية أو دعاوى كيدية ، وعدم جعلهم وسيلة لنقل الأخبار والتجسس والتشفي والنيل من الطرف الآخر ، فالطلاق لم يكن قرارهم وليس باختيارهم ( فإن لم تنجحوا كزوجين فأنجحوا كأبوين )..
بقلم المستشار الاسري
الدكتور – حسن عبدالله الشهابي –